فصل: باب: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ} (38- 39)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض الباري شرح صحيح البخاري ***


باب‏:‏ ‏{‏وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ‏}‏ ‏(‏24‏)‏ الآيَة

قوله‏:‏ ‏(‏مُسْتَوْفِزِين‏)‏ سر سرى نشست‏.‏

4826- قوله‏:‏ ‏(‏وأنا الدَّهْر‏)‏ وشَرْحُه المشهور‏:‏ أنَّ ابنَ آدم يزعمُ أن الدَّهْر هو الذي يجلب إليه الدوائر، فإِذا ابتُلي به يَسُبّه سَبّاً، ولا يدري أن الجالب هو اللَّهُ تعالى، فكأنه يَسُبّ اللَّهَ عز وجل، فإن الأمر بيده، يقلِّب الليلَ والنهار‏.‏ وقال الشيخ الأكبر‏:‏ إنَّ الدَّهْر من الأسماء الحُسْنى، وإذن يكون شأناً من شؤونه تعالى، وفِعْلاً من أفعاله‏.‏ وذَكَر الرازي وظيفةَ بعض المشايخ «يا دهر»، «يا ديهار»، «يا ديهور»، ولو وجدت هذا اللفظ في الكتب السابقة لَرَكَنْت إلى كونِه منها‏.‏ وذكر صاحب «القاموس» أيضاً أنه يحتمل أن يكونَ من أسمائه تعالى، وهو من معتقدي الشيخ الأكبر‏.‏ وكذا الإِمام أبي حنيفة أيضاً، كما في «طبقات الفَيْرُوز آبادي»- رسالة صُنِّفت في طبقات الحنيفة‏.‏

قلتُ‏:‏ إنَّ العالم بِأَسره تحت أسمائه تعالى عند الشيخ الأكبر، فليكن الزمانُ تحت اسم الدَّهْر، فيطلقُ الزمانُ فيما بيننا على عالَم الإِمكان، وإذا جاءت حضرةُ الوجوب لا نقولُ فيها الزمان، بل نطلقُ فيها لَفْظ الدَّهْر، وحينئذ تقسيمُ المَعِية إلى الزمانية، والسَّرْمديةِ، والدهرية صحيحٌ في الجملة، وإنْ كان تفسيرُ المَعِية الدهريةَ عندي، غير ما في المشهور‏.‏ وفي «الشمس البازغة»‏:‏ أن قَوماً ذهبوا إلى إنكار الباري سبحانه، وقالوا بالدَّهْر فَحَسْب، بالله خابوا وخسروا‏.‏

فائدة‏:‏

صنف صاحبُ «القاموس» رسالة سماها «بسفر السعادة» وقد بالغ فيها، فادَّعى التواتر في مسألة رفع السَّبّابة ورَفْع اليدين، مع أنه لا يوجد في المسألة الأُولى أزيدُ من ثلاثة أحاديث، وفي الثانية نحو العشرين، وأما ما ادَّعى من أنها نحو مئتين، فلا أَصْلَ له‏.‏

سُورَةُ الأَحْقَافِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏تُفِيضُونَ‏}‏ ‏(‏8‏)‏ تَقُولُونَ‏.‏ وَقالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَ ‏{‏أَثَرَةٍ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ بَقِيَّة عِلمٍ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏بِدْعاً مّنَ الرُّسُلِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏‏:‏ لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏أَرَأَيْتُمْ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ هذهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، إِنْ صَحَّ ما تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيسَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَرَأَيْتُمْ‏}‏ بِرُؤْيَةِ العَينِ، إِنَّمَا هُوَ‏:‏ أَتَعْلَمُونَ، أَبَلَغَكُمْ أَنَّ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيئاً‏؟‏‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالَّذِى قَالَ لِولِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ ءامِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَآ إِلاَّ أَسَطِيرُ الاْوَّلِينَ‏}‏ ‏(‏17‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ ‏(‏24‏)‏

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ عارِضٌ‏:‏ السَّحَابُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرأيتُم‏)‏ ليس للاستفهام، بل للوَعِيد‏.‏

4827- قوله‏:‏ ‏(‏فقال له عبدُ الرحمن بن أبي بَكْر شيئاً‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ أي قال عبدُ الرحمن‏:‏ أن بيعوا على سنة كِسْرى وقَيْصر، حين رآهم يقولون‏:‏ بيعوا على سنة أبي بكر وعمر، فلما سمعوا مقالته قالوا‏:‏ خذوه‏.‏

سُورَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم

‏{‏أَوْزَارَهَا‏}‏ ‏(‏4‏)‏ آثَامَهَا، حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ مُسْلِمٌ‏.‏ ‏{‏عَرَّفَهَا‏}‏ ‏(‏6‏)‏ بَيَّنَهَا‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَوْلَى الَّذِينَ ءامَنُواْ‏}‏ ‏(‏11‏)‏ وَلِيُّهُمْ‏.‏ ‏{‏عَزَمَ الاْمْرُ‏}‏ ‏(‏21‏)‏ جَدَّ الأَمْرُ‏.‏ ‏{‏فَلاَ تَهِنُواْ‏}‏ ‏(‏35‏)‏ لاَ تَضْعُفُوا‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏أَضْغَنَهُمْ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ حَسَدَهُمْ‏.‏ ‏{‏ءاسِنٍ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ مُتَغَيِّرٍ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ‏}‏ ‏(‏22‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏عَزَمَ الاْمْرُ‏}‏ جَدَّ الأَمْر‏)‏ كام بخته هو كيا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأَخَذَت بِحَقْو الرَّحْمن‏)‏ وفي قاضيخان‏:‏ مَن ادَّعى أنه رأى رَبَّه في المنام، فإِنه لا يكفر، لأنه نحوٌ من التجلِّي، كما في «حجة الله البالغة»‏.‏

قلتُ‏:‏ والذي يخطر بالبال- وإن لم يكن له بال- أن تَجَلِّيه الذي يُعبر عنه بالرؤية لا يكون إلاَّ في صورة الإِنسان، أو الأنوار، أعني به ما يعبر عنه الرائي، أنه رأى رَبَّه، وأما غيرُ ذلك من التجليات، مما لا يُقال فيها إنها رؤيةٌ تعالى، فيمكن بكل نحوٍ‏.‏ واستدل عليهم الشيخُ الأكبر من قوله في حديث الدجَّال‏:‏ إنَّ رَبَّكم ليس بأعور، مع ما في بعض الروايات أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أشار إلى عَيْنِه، فإِنَّه يُشْعر بأنه تعالى لو تَجلَّى في صورةٍ لكان في صورةِ الإِنسانِ الكامل، غير فاقد للعين‏.‏ وهذا الشقيُّ يكون أعورَ العين اليُمنى، فكيف يمكن أن يكون رَبّاً‏.‏ ولولا تجلِّيه في صورة الإِنسان لما كان لقوله‏:‏ «وإنَّ ربَّكم ليس بأعوَر» وَجْهٌ لطيف‏.‏ وحينئذ ظهر معنى قوله‏:‏ «حَقْو الرحمن»، فإِنَّه أيضاً تجلَّى على نحو ما يراه الرائي في منامه‏.‏

قلتُ‏:‏ وهذا كما ترى كله من اختلاف العالمين يه سب كارستانى اختلاف عالمين كى هى بهت سى جهان ركهى هوئى هين‏.‏

واعلم أن التجلِّي عبارةٌ عن أمور إلهية، تَضْعُف عن مشاهدتها بِنيةُ البشر، ويَكِلُّ عن إدراكها البصرُ، فَتُقام صورٌ تليق بِبِنيته لتقرِّبه من عالم الغيب، وتفيدُه معرفةً وبصيرةً بس يه سمان باندهنا اوريه بيرايه مشاهده بهى تجلى هى‏.‏ وثبتت رؤيةُ الباري تعالى في رواية الترمذي، وروى في تلك الرواية في الخارج الرؤيةَ على هيئةِ شابٍ أَمْرد‏.‏ وتصدَّى له البيهقيُّ، وليس بصواب، وكثيراً ما أراهم يزعمُون أنَّ كلَّ الصيدِ في جوف القرى، فإِذا لم يدركوا أمراً إذا هم يُنْكرون، كالزمخشري، فإِنه يحمل جميعَ المتشابهات على الاستعارات، والذي يُناسب أن تُصْرف الأمورُ إلى أهلها، ثُم لا ينازعه فيها‏.‏ والفقهاء أيضاً خَفَّفُوا أَمْر الرؤية‏.‏

وبالجملةِ ما أشبهت رؤيته تعالى في المحْشَر برؤيتك إياه في المنام، وإنْ تفاوتت الرؤيتان قوةً وضَعْفاً‏.‏ لا أريد به أنَّ الرؤيةَ في المَحْشر ليست على الحقيقةِ، بل نحو من المجاز، سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ، إنما أريدُ الاشتراك بين المرئي، أنه التجلِّي في المحلين، وإن كان تَجلِّيه في المَحْشر أَقْوى وأَقْوى مما في المنام، والله يَدْري ما بينهما من التفاوت في الكيفيات، ولكنَّ هذا التجلي هو المعبر عن رؤية الذاتِ عندي، فلا يخالف ألفاظَ الحديث‏.‏ وقد مرّ معنا أنه مختارُ الشيخ الأَكْبر أيضاً، وتَبِعْتُه في ذلك، وقد تكلَّمنا عليه في مواضع، فراع المواضِعَ كلَّها، وإياك وأن تعزو إلي ما لم أُرِدْه‏.‏

سُورَةُ الفَتْحِ

قَالَ مُجَاهدٌ‏:‏ بُوراً هَالِكِينَ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏سِيمَهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ السَّحْنَةُ، وَقالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ التَّوَاضُعُ‏.‏ ‏{‏شَطْأَهُ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ فِرَاخَهُ‏.‏ ‏{‏فَاسْتَغْلَظَ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ غَلُظَ‏.‏ ‏{‏سُوقِهِ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ السَّاقُ حامِلَةُ الشَّجَرَةِ‏.‏

وَيُقَالُ‏:‏ ‏{‏دَآئِرَةُ السَّوْء‏}‏ ‏(‏6‏)‏، كَقَوْلِكِ‏:‏ رَجُلُ السَّوْءِ، وَدَائِرَةُ السُّوءِ‏:‏ العَذَابُ‏.‏ ‏{‏يُعَزِّروهُ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ يَنْصُرُوهُ‏.‏ ‏{‏شَطْأَهُ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْراً، أَوْ ثَمَانِياً، وَسَبْعاً، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَآزَرَهُ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ قَوَّاهُ، وَلَوْ كانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنبي صلى الله عليه وسلّم إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كما قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يُنْبِتُ مِنْهَا‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً‏}‏ ‏(‏1‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏سِيماهُم في وُجُوهِهم‏)‏ السَّحْنَة هره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حامِلَةُ الشَّجرةِ‏)‏ كيهون كاتنه‏.‏

4833- قوله‏:‏ ‏(‏كانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أَسْفَارِه‏)‏، أي مَقْفَله من الحديبية‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرطاً مُّسْتَقِيماً‏}‏ ‏(‏2‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً‏}‏ ‏(‏8‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏(‏4‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏}‏ ‏(‏18‏)‏

‏.‏

أَشكلَ تعليلُ الفتح بالمغفرة‏.‏ قلتُ‏:‏ ولعلَّ بين الشُّكْر والمغفرة تناسباً معنوياً، فيوضع أحدهما مَوْضع الآخر‏.‏ ألا ترى أنه وَضَع الاستغفارَ دُبُرَ الصلوات، وإلاَّ فالظاهر أن مَوْضِعَه مَوْضع الشكر، ثم ظهر أن خيرَ الدنيا والآخرة، كالتوءَمين في حقِّ الأنبياء عليهم السلام، فإِذا أصابهم اللَّهُ تعالى بخيرٍ من الدنيا يعطف عليهم بخيرٍ من الآخرة أيضاً في ذلك الآن‏.‏

وحينئذ ظهر وَجْه قِران الفتح بالمغفرة، فإِن الفتح نعمةٌ دنيوية، ولا تتحقق في حقِّ الأنبياء عليهم السلام، إلا أن تَشُوبها نعمةٌ أُخرى من النعم الأَخْروية، فأخبر بالمغفرةِ بما تقدّم وما تأخّر‏.‏ وهذا كما قارن بينهما في سورة النَّصْر، فأَمره بالاستغفار عند الفتح ليغفر له، غير أنه ابتدأ ههنا بِبُشْرى المغفرة‏.‏ وبالجملةِ لا تخلو نعمةٌ دنيويةٌ فيهم إلاَّ وتصاحِبُها نعمةٌ أُخرى من النّعم الأخروية‏.‏ ولو أمعنت النَّظر فيه لَذُقْت المعنى‏.‏ نعم، ومَنْ لم يذق لم يدر؛ وراجع له «رُوح المعاني»‏.‏

4837- قوله‏:‏ ‏(‏فلما كَثُر لَحْمهُ صلَّى جالساً، فإِذا أرادَ أَنْ يركع قام فقرأَ، ثُم ركع‏)‏ وهذه القطعةُ ليست عند المصنِّف إلاَّ في هذا الموضع، ولم يترجم عليها المصنف أيضاً‏.‏ وقد عَلِمت أنه إذا لم يَخْتر جانباً لا يترجم له، وإنْ كان اللفظَ المناسب له عنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏:‏ تلك السكينة‏)‏ قلتُ‏:‏ وهذا من باب التَّمثُّل‏.‏

4841- قوله‏:‏ ‏(‏الخَذْف‏)‏ صلى الله عليه وسلّم ينتى مارنا‏.‏

4844- قوله‏:‏ ‏(‏اتهِمُوا أَنْفُسَكم‏)‏ أي لا تعتمدوا عليها، ولا تثقوا بها وُثُوقاً‏.‏

سُورَةُ الحُجُرَاتِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏لاَ تُقَدّمُواْ‏}‏ ‏(‏1‏)‏ لاَ تَفتَاتُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ‏.‏ ‏{‏امْتَحَنَ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ أَخْلَصَ‏.‏ ‏{‏تَنَابَزُواْ‏}‏ ‏(‏11‏)‏ يُدْعى بِالكُفرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ‏.‏ ‏{‏يَلِتْكُمْ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ يَنْقُصكُمْ، أَلَتْنَا‏:‏ نَقَصْنَا‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىّ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ الآيَة

‏{‏تَشْعُرُونَ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ تَعْلَمُونَ، وَمِنْهُ الشَّاعِرُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآء الْحُجُرتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ‏}‏ ‏(‏4‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ‏}‏ ‏(‏5‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏لاَ تُقَدّمُواْ‏}‏‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ أي بل فُوِّضُوا أمورَكم إليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏النبذ بالألقاب‏)‏ جر‏.‏

4846- قوله‏:‏ ‏(‏أنا أعلمُ لَك عِلْمَه‏)‏ أي أنا آتِيك بِخَبَرِه‏.‏

سُورَةُ ق

‏{‏رَجْعُ بَعِيدٌ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ رَدٌّ، ‏{‏فُرُوجٍ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا فَرْجٌ‏.‏ ‏{‏مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ‏}‏ ‏(‏16‏)‏ في حَلقِهِ، الحَبْلُ‏:‏ حَبْلُ العَاتِقِ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَا تَنقُصُ الاْرْضَ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ مِنْ عِظَامِهِمْ‏.‏ ‏{‏تَبْصِرَةً‏}‏ ‏(‏8‏)‏ بَصِيرَةً‏.‏ ‏{‏وَحَبَّ الْحَصِيدِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ الحِنْطَةُ، ‏{‏بَسِقَتٍ‏}‏ ‏(‏10‏)‏ الطِّوَالُ‏.‏ ‏{‏أَفَعَيِينَا‏}‏ ‏(‏15‏)‏ أَفَأَعْيَا عَلَينَا، ‏{‏وَقَالَ قَرِينُهُ‏}‏ ‏(‏23‏)‏ الشَّيطَانُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ‏.‏ ‏{‏فَنَقَّبُواْ‏}‏ ‏(‏36‏)‏ ضَرَبُوا‏.‏ ‏{‏أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ‏}‏ ‏(‏37‏)‏ لاَ يُحَدِّثُ نَفسَهُ بِغَيرِهِ‏.‏ حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلقَكُمْ‏.‏ ‏{‏رَقِيبٌ عَتِيدٌ‏}‏ ‏(‏18‏)‏ رَصَدٌ‏.‏ ‏{‏سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ‏}‏ ‏(‏21‏)‏ المَلَكانِ‏:‏ كاتِبٌ وَشَهِيدٌ، ‏{‏شَهِيدٌ‏}‏ ‏(‏37‏)‏ شَاهِدٌ بِالقَلبِ‏.‏ ‏{‏لُغُوبٌ‏}‏ ‏(‏38‏)‏ النَّصَبُ‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏نَّضِيدٌ‏}‏ ‏(‏10‏)‏ الكُفُرَّى ما دَامَ في أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ‏:‏ مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيسَ بِنَضِيدٍ، في ‏{‏وَإِدْبَرَ النُّجُومِ‏}‏ ‏(‏الطور‏:‏ 49‏)‏ ‏{‏وَأَدْبَرَ السُّجُودِ‏}‏ ‏(‏40‏)‏ كانَ عاصِمٌ يَفتَحُ الَّتِي في ‏(‏ق‏)‏ وَيَكْسِرُ الَّتِي في ‏(‏الطُّورِ‏)‏، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعاً وَيُنْصَبَانِ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏يَوْمُ الْخُرُوجِ‏}‏ ‏(‏42‏)‏ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ القُبُورِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ‏}‏ ‏(‏30‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ‏}‏ ‏(‏39‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏أَفَأَعْيا علينا‏)‏ كيايه بات همسى نا ممكن هو كئى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما دام في أَكْمامِه‏)‏ يعني جب تك غنجه هو‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يكسران جَمِيعاً ويُنْصَبَان‏)‏ لَفْظ النَّصْب مُسْتعملٌ في البناء والإِعراب معاً‏.‏

4848- قوله‏:‏ ‏(‏حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ‏)‏ قال علماءُ البيان‏:‏ والمرادُ منه الخَيْبةُ وعدمُ العمل بمتمناه، وهو عندي نحوٌ من التجلِّي، فإِنه على أنحاه، وأَوّلُها تجلِّي السَّاق، وذلك في المَحْشر للتعريف، لأنَّ جبهةَ المسلمين كانت تَقَع على قَدَميه عزَّ وجلَّ عند السجود، كما في الحديث، فلم تكن واسطَتُها من الحضرة الإِلهية إلاَّ بالساق، ولذا اختص للتعريف من بين سائر التجليات؛ وأما تجلِّي القدم، فهو للغضب؛ وأما تجلِّي الحَقْو، فقد مَرَّ يوم الميثاق؛ وأما تجلِّي الوَجْه فيكون في الجنة، وهو أعلاها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأمّا الجنَّةُ‏:‏ فإِنَّ اللَّهَ يُنْشِيءُ لَها خَلْقاً‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وفي مَوْضعٍ آخَر‏:‏ أَنْشأ الخَلْقَ للنَّار‏.‏ وتوجه الشارحون إلى التوفيق بينهما؛ قلتُ‏:‏ وذلك وَهْم قَطْعاً، والصواب إنشاءُ الخَلْق للجنَّة، ثُم لا يدري عَدَدَهم إلا اللَّهُ، ومِن ههنا ظهر الجواب‏:‏ أَنَّ غايةَ العالمَ هي العبادة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏}‏ ‏(‏الذاريات‏:‏ 56‏)‏، والظاهر أن لا تتخلّفَ غايتُه تعالى، ولا أَقلَّ مِن أن تكونَ أغلبَ، مع أن الأغلب في الدنيا هو الكفر‏.‏ قلتُ‏:‏ إن العالم كلَّه بقضه وقضيضه في التسبيح غير الثَّقَلَين، فلو سلَّمنا كثرة الغاية، فلم تتخلف أيضاً‏.‏ وقد وضعنا عليه مُذكرةً، وهذا القَدْر لا يكفي ولا يَشْفي، وسيجيء في «الذاريات» شيء آخر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وليس فيه حُجَّةٌ لأَهْل القَدَر‏)‏ تمسك أهلُ القَدَر على كونِ أفعالِ العباد مخلوقةً لهم‏:‏ بأَنَّ الله سبحانه كان خَلَقَهم للعبادة، ففعل بعضُهم وأَبى عنها بعضُهم، فدلَّ على أن أفعالَهم باختيارهم إن شاءوا خَلَقُوها، وإن أرادوا لم يخلقوها‏.‏ ثُم المؤلف لم يتعرَّض إلى جوابِه، واكتفى بالرد الجملي فقط‏.‏ وأجاب عنه الحافظُ ابنُ القيِّم‏:‏ أنَّ الغاية غايتان‏:‏ غايةٌ تراد منهم، وتلك هي العبادةُ، ولا بِدْع في تخلّفها، وإن كانت خيريتهم فيها؛ وغاية يريدُها الله تعالى، وليست تلك هي العبادةَ ليستحيلَ تخلّفها‏.‏

وكأنَّ الصَّعْقة صارت من خواصّ الصُّور، متى نُفِخ صَعِق منه الناسُ، حتى يُنْفخ للإِحياء‏.‏

فائدة‏:‏

وليعلم أن هذا الإِشكالَ عَقْليٌّ مَحْض، ولا مدخل فيه للآية، أعني أن يُبْنى على انضمامِ مقدِّمة عقبيةٍ أُخْرى‏.‏ أما الآية، فلم تُخْبر إلا بالغايةِ أنها العبادةُ، وذلك معلومٌ عند الخواص والعوام، لا ينازع فيه أحدٌ، وإنما نشأ الإِشكالُ من جهةِ العَقْل، وهو تخلُّف غايتِه تعالى‏.‏ ولك أن نقول‏:‏ إن الغايةَ إما تشريعيةٌ، أو تكوينيةٌ، والمحال هو تَخلُّف الغايةِ التكوينيةِ دون الشرعية، والمتخلفة هي الغايةُ الشرعية دون التكوينية‏.‏ فإِنَّ العبادة غايةٌ شرعيةٌ لا تكوينيةٌ‏.‏ وأجاب عنه الشاه رفيعُ الدِّين أنها غايةُ النوع لا للأشخاص، فحينئذٍ لا بد أن لا يخلو نوعُ الإِنسان عن العبادة‏.‏ أما وجودُها في سائر أفرادِه فغيرُ لازم، نعم إذا خلا النوعُ بِأَسْره عن الغايةِ يَنْقَرض العالم أيضاً، ويضرب عليه بالرحيل‏.‏

سُورَةُ والذَّارِيَاتِ

قالَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلاَمُ‏:‏ الذَّارِيَاتُ‏:‏ الرِّيَاحُ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏تَذْرُوهُ‏}‏ ‏(‏الكهف‏:‏ 45‏)‏ تُفَرِّقُهُ‏.‏ ‏{‏وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ‏}‏ ‏(‏21‏)‏ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ في مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَينِ‏.‏ ‏{‏فَرَاغَ‏}‏ ‏(‏26‏)‏ فَرَجَعَ‏.‏ ‏{‏فَصَكَّتْ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ فَجَمَعَتْ أَصَابعَهَا، فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا‏.‏ وَالرَّمِيمُ‏:‏ نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ‏.‏ ‏{‏لَمُوسِعُونَ‏}‏ ‏(‏47‏)‏ أَي لَذُو سَعَةٍ، وكَذلِكَ‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 236‏)‏، يَعْنِي القَوِيَّ‏.‏ ‏{‏زَوْجَيْنِ‏}‏ ‏(‏49‏)‏ الذَّكَرَ وَالأُنْثى، وَاخْتِلاَفُ الأَلوَانِ‏:‏ حُلوٌ وحامِضٌ، فَهُمَا زَوْجانِ‏.‏ ‏{‏فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ‏}‏ ‏(‏50‏)‏ مِنَ اللَّهِ إِلَيهِ‏.‏ ‏{‏إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏}‏ ‏(‏56‏)‏ ما خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الفَرِيقَينِ إِلاَّ لِيُوَحِّدُونِ، وَقالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ خَلَقَهُمْ لِيَفعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ القَدَرِ‏.‏ وَالذَّنُوبُ‏:‏ الدَّلوُ العَظِيمُ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏صَرَّةٍ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ صَيحَةٍ‏.‏ ‏{‏ذَنُوباً‏}‏ ‏(‏59‏)‏ سَبِيلاً‏.‏ العَقِيمُ‏:‏ الَّتِي لاَ تَلِدُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ وَالحُبُكُ‏:‏ اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا‏.‏ ‏{‏فِى غَمْرَةٍ‏}‏ ‏(‏11‏)‏ في ضَلاَلَتِهِمْ يَتَمادَوْنَ‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَوَاصَوْاْ‏}‏ ‏(‏53‏)‏ تَوَاطَؤُوا‏.‏ وَقالَ‏:‏ ‏{‏مُّسَوَّمَةً‏}‏ ‏(‏34‏)‏ مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيما‏.‏ قُتِلَ الإِنْسَانُ‏:‏ لُعِنَ‏.‏

سُورَةُ الطُّورِ

وَقالَ قَتَادَةُ‏:‏ ‏{‏مُّسْطُورٍ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ مَكْتُوبٍ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ الطُّورُ‏:‏ الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏ ‏{‏رَقّ مَّنْشُورٍ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ صَحِيفَةٍ‏.‏ ‏{‏وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏}‏ ‏(‏5‏)‏ سَماءٌ‏.‏ ‏{‏الْمَسْجُورِ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ المُوقَدِ، وَقالَ الحَسَنُ‏:‏ تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ ماؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏أَلَتْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏21‏)‏ نَقَصْنَا‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏تَمُورُ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ تَدُورُ، ‏{‏أَحْلَمُهُمْ‏}‏ ‏(‏32‏)‏ العُقُولُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏الْبِرَّ‏}‏ ‏(‏28‏)‏ اللَّطِيفُ‏.‏ ‏{‏كِسَفًا‏}‏ ‏(‏44‏)‏ قِطْعاً‏.‏ ‏{‏الْمَنُونِ‏}‏ ‏(‏30‏)‏ المَوْت‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏يَتَنَزَعُونَ‏}‏ ‏(‏23‏)‏ يَتَعَاطَوْنَ‏.‏

وَقالَ قَتَادَةُ‏:‏ ‏{‏مُّسْطُورٍ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ مَكْتُوبٍ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ الطُّورُ‏:‏ الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏ ‏{‏رَقّ مَّنْشُورٍ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ صَحِيفَةٍ‏.‏ ‏{‏وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏}‏ ‏(‏5‏)‏ سَماءٌ‏.‏ ‏{‏الْمَسْجُورِ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ المُوقَدِ، وَقالَ الحَسَنُ‏:‏ تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ ماؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏أَلَتْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏21‏)‏ نَقَصْنَا‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏تَمُورُ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ تَدُورُ، ‏{‏أَحْلَمُهُمْ‏}‏ ‏(‏32‏)‏ العُقُولُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏الْبِرَّ‏}‏ ‏(‏28‏)‏ اللَّطِيفُ‏.‏ ‏{‏كِسَفًا‏}‏ ‏(‏44‏)‏ قِطْعاً‏.‏ ‏{‏الْمَنُونِ‏}‏ ‏(‏30‏)‏ المَوْت‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏يَتَنَزَعُونَ‏}‏ ‏(‏23‏)‏ يَتَعَاطَوْنَ‏.‏

باب

قالَ سُفيَانُ‏:‏ فَأَمَّا أَنَا، فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ‏:‏ سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلّم يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بِالطُّورِ‏.‏ لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قالُوا لِي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏يَتَنَزَعُونَ‏}‏ يَتَعاطون‏)‏ والتنازع بمعنى التعاطي لغةٌ فاشيةٌ، ولا يَبْعُد أن يكون قوله صلى الله عليه وسلّم «مالي أنازعُ القرآنَ» من هذا الباب‏.‏

سُورَةُ النَّجْمِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏ذُو مِرَّةٍ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ ذُو قُوَّةٍ‏.‏ ‏{‏قَابَ قَوْسَيْنِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ حَيثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ‏.‏ ‏{‏ضِيزَى‏}‏ ‏(‏22‏)‏ عَوْجاءُ‏.‏ ‏{‏وَأَكْدَى‏}‏ ‏(‏34‏)‏ قَطَعَ عَطَاءَهُ‏.‏ ‏{‏رَبُّ الشِّعْرَى‏}‏ ‏(‏49‏)‏ هُوَ مِرْزَمُ الجَوْزَاءِ‏.‏ ‏{‏الَّذِي وَفَّى‏}‏ ‏(‏37‏)‏ وَفَّى ما فُرِضَ عَلَيهِ‏.‏ ‏{‏أَزِفَتِ الاْزِفَةُ‏}‏ ‏(‏57‏)‏ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ‏.‏ ‏{‏سَمِدُونَ‏}‏ ‏(‏61‏)‏ البَرْطَمَةُ، وَقالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ يَتَغنَّوْنَ، بِالحِمْيَرِيَّةِ‏.‏

وَقالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ ‏{‏أَفَتُمَرُونَهُ‏}‏ ‏(‏12‏)‏ أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ‏:‏ ‏{‏أَفَتَمْرُونَهُ‏}‏ يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ‏.‏ ‏{‏مَا زَاغَ الْبَصَرُ‏}‏ ‏(‏17‏)‏ بَصَرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم ‏{‏وَما طَغى‏}‏ ‏(‏17‏)‏ وَلاَ جاوَزَ ما رَأَى‏.‏ ‏{‏فَتَمَارَوْاْ‏}‏ ‏(‏القمر‏:‏ 36‏)‏ كَذَّبُوا‏.‏ وَقالَ الحَسَنُ‏:‏ ‏{‏إِذَا هَوَى‏}‏ ‏(‏1‏)‏ غابَ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏أَغْنَى وَأَقْنى‏}‏ ‏(‏48‏)‏ أَعْطَى فَأَرْضى‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى‏}‏ ‏(‏9‏)‏

حَيثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى‏}‏ ‏(‏10‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏لَقَدْ رَأَى مِنْ ءايَتِ رَبّهِ الْكُبْرَى‏}‏ ‏(‏18‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏أَفَرَءيْتُمُ اللَّتَ وَالْعُزَّى‏}‏ ‏(‏19‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الاْخْرَى‏}‏ ‏(‏20‏)‏

قالَ سُفيَانُ‏:‏ مَنَاةُ بِالمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيدٍ‏.‏ وَقالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ خالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ قالَ عُرْوَةُ‏:‏ قالَتْ عائِشَةُ‏:‏ نَزَلَتْ في الأَنْصَارِ، كانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، مِثْلَهُ‏.‏ وَقالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ‏:‏ كانَ رِجالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ، وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، قالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كُنَّا لاَ نَطُوفُ بَينَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ تَعْظِيماً لِمَنَاةَ، نَحْوَهُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَاسْجُدُواْ لِلَّهِ وَاعْبُدُواْ‏}‏ ‏(‏62‏)‏

تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ‏.‏

والصواب عندي أن تعيينَ الأمكنةِ عند نزولهم في السَّفَر كان بالسياط والقسي، فإِذا نزل أَحَدُهم في مكانٍ ألقى سَوْطه وقوسَه، ليكون ذلك مكانَه بعد نُزُولِه، وعليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم «موضع سوط في الجنةِ، خيرٌ من الدنيا وما فيها» فالقاب هو قَدْرُ القوس، وأريد به بيانُ غايةِ قُرْبه صلى الله عليه وسلّم حتى كان على قَدْر قَوْسين أو أَدنى من ذلك، وحينئذ لا حاجةَ إلى تأويلٍ في معنى الإِضافة، حيث قيل‏:‏ إنَّ أصله قابي قوس، ثُم نقل تثنية المضافِ إلى المضاف إليه، وذلك عندهم واسع، وعلى ما قلنا غنية عنه، ولما علمت مِن عادات العرب بأَنَّ لك وَجْهَ تَعرُّضِه إلى ذِكْر القوسين في الآية والسَّوْط في الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قِسْمةٌ ضِيزَى‏)‏ تير هى تقسيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الجَوْزاء‏)‏ نجم، وخلفه شِعْري يقال‏:‏ إنه أعظمُ من الشمس، مستنير في غايته، وترجمته‏:‏ صلى الله عليه وسلّم نى‏.‏

4855- قوله‏:‏ ‏(‏لقد قَفَّ له شَعْرِي‏)‏ وما رُوي أن عائشةَ سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن سورة النجم، فقال‏:‏ «ذاك جبرئيلُ عليه الصلاة والسلام»، فلا ينفصل منه الأَمْر، فإِنه رأى في تلك الليلةِ جبرئيل أيضاً‏.‏

واعلم أنَّ الاختلافَ في الرؤية إنما ينتهي إلى الآيةِ، ووَجْه الإِشكالِ فيها أن بَعْضَها يتعلّقُ بمعاملةِ جبرئيل عليه الصلاة والسلام قَطْعاً، وبَعْضَها من ربِّ العزّة‏.‏ ومن ههنا دارت الأنظار في قوله‏:‏ ‏{‏مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى‏}‏ أنه يتعلّق بجبرئيلِ عليه الصلاة والسلام، أو بالله عز اسمه‏.‏ فإِذا عَلِمنا أنه سَرَى في ذلك اجتهادُهم لم يبق لنا قَلَقٌ، وأخذنا بما كان أقربَ عندنا إِلى نظم النصِّ‏.‏ والصواب عندنا أنه صلى الله عليه وسلّم رأى رَبَّه ليلةَ المعراج، وفي قوله‏:‏ ‏{‏لاَّ تُدْرِكُهُ الاْبْصَرُ‏}‏ ‏(‏الأَنعام‏:‏ 103‏)‏ نفي للإِحاطة، لا لنفس الرؤية، ولا يلزم منه نفيُ رؤيتِه في المَحْشر أيضاً، إلا أنه لما كانت رؤية قلبٍ ونظرٍ معاً، صدق الأمران‏.‏ وعند القسطلاني‏:‏ ولعله عن ابنِ مسعود، أو ابن عباس‏:‏ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال‏:‏ «قام قلبي مقامَ العينين»، وتلك الرؤيةُ هي مصداقُ قوله‏:‏ ‏{‏الآيةَ الكُبْرى‏}‏ ‏(‏النازعات‏:‏ 20‏)‏‏.‏

4858- قوله‏:‏ ‏(‏رَفْرَفاً‏)‏ آرائش محل كى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏أَفَرَءيْتُمُ اللَّتَ وَالْعُزَّى‏}‏‏)‏ وكانت وظيفةً للعربِ عند الطواف‏:‏ واللات والعُزَّى، ومناةَ الثالثةَ الأُخرى تلك الغرانيقُ العُلى‏.‏ وأنَّ شفاعتهن لَتُرْتجى‏.‏ كما في «المعجم» لياقوت الحَمَوِي، ودونك عبارة «المعجم»‏.‏

قال‏:‏ «العُزّى» بضم أوله في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَرَءيْتُمُ اللَّتَ وَالْعُزَّى‏}‏ اللات‏:‏ صنم كان لثقيف، والعزَّى‏:‏ سَمُرة كانت لغَطَفَان يعبدُونها، وكانوا بَنوا عليها بيتاً، وأقاموا لها سَدَنةً، فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خالدَ بنَ الوليد إليها، فهدم البيتَ، وأحرق السَّمُرة‏.‏ والعزَّى تأنيثُ الأَعَزّ، مِثْل الكبرى تأنيثُ الأكبر‏.‏ والأَعزّ بمعنى العزيز، والعُزّى بمعنى العزيزة‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وقال ابن حبيب‏:‏ العُزَّى شجرةٌ كانت بنخلةٍ، عندها وَثنٌ تعبدُه غَطَفان، وسَدَنَتُها من بني حرمة بن مُرّة‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ قال أبو المُنْذر- بعد ذِكْر مَناة، واللاّت ‏:‏ ثُمّ اتخذوا العُزّى، وهي أحدثُ من اللاّت، ومَناة‏.‏ وذلك أني سَمِعْتُ العرب سَمْت بها عَبْد العُزّى، فوجدت تَمِيم بنَ مرّ، سَمّى ابنه زيدَ مَناة بنَ تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة، وعبد مَناة بن أدّ‏.‏ وباسم اللات، سَمّى ثعلبة بن عكابة ابنه تيم اللات؛ وتيم اللات بن رفيدة بن ثور، وزيد اللات بن رفيدة بن ثور بن وبرة بن مر بن أد بن طابخة، وتيم اللات بن النمر بن قاسط؛ وعبد العُزّى بن كعب بن سعد بن زيد مَناة بن تميم‏.‏ فهي أَحْدَثُ من الأولين‏.‏

وعَبْد العُزَّى بن كعب من أقدم ما سُمّت به العرب، وكان الذي اتخذ العُزَّى ظالم بن أسعد، كانت بوادٍ من نخلةِ الشامية، يقال له‏:‏ حواض، بإِزاء الغمير، عن يمين المصعد إلى العراق من مكة، وذلك فوق ذات عِرْق إلى البستان بتسعة أميال، فبنى عليها بساً- يريد بيتاً- وكانوا يسمعون فيه الصَّوْتَ، وكانت العرب وقُريش تسمّى بها عبد العُزَّى، وكانت أعظمَ الأصمان عندَ قُريش، وكانوا يَزُورُونها، ويهدون لها، ويتقرَّبون عندها بالذبائح‏.‏

قال أبو المُنْذر‏:‏ وقد بَلَغنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ذكرها يوماً، فقال‏:‏ لقد اهتديت للعُزَّى شاة عفراء، وأنا على دين قومي، وكانت قريشٌ تطوفُ بالكعبةِ، وتقول‏:‏ واللاّت والعُزّى، ومَناة الثالثة الأُخْرى‏.‏ فإنهن الغَرَانِيقُ العُلَى، وأنَّ شفاعَتَهن لَتُرتَجى، وكانوا يقولون‏:‏ بنات الله عز وجل، وهن يَشْفَعن إليه، فلما بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلّم أُنزل عليه‏:‏ ‏{‏أَفَرَءيْتُمُ اللَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الاْخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الاْنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْمَآء سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءابَآؤُكُم‏}‏ما أنزل الله بها من سلطان، وكانت قريشٌ قد حمت لها شعباً من وادي حراض، يقال له‏:‏ سقام، يضاهئون به حَرَم الكعبةِ، وقد ذكر سقام في موضعه من هذا الكتاب؛ والعُزّى، يقول درهم بن زيد الأوسي‏:‏

إني وربِّ العُزّى السعيدة والله الذي دون بيته سرف

وكان لها مَنْحَرٌ يَنْحَرُون فيه هداياهم، يقال له‏:‏ الغَيْغَب، وقد ذكر في موضعه أيضاً، وكانت قريشٌ تخصصها بالإِعظام، فلذلك يقول زيد بن عمرو بن نفيل‏.‏ وكانت قد تألّه في الجاهلية، وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام‏:‏

تركت اللات والعُزّى جميعاً، *** كذلك يفعل الجلد الصبور

فلا العُزّى أدين ولا ابنتها، *** ولا صنمى بني عمرو أزور

ولا هبلا أزور وكان ربا *** لنا في الدهر إذ حلمي صغير

وكانت سُدنةُ العُزّى بني شَيْبان بن جابر بن مُرّة بن عبس بن رِفاعة بن الحارث بن عتبة بن سُلَيم بن منصور، وكانوا حُلَفاء بني الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان آخِرَ مَنْ سدَنها منهم دبيةُ بن حزمي السّلَمي، وله يقول أبو خراش الهُذلي، وكان قدم عليه، فحذاه نعلين جيددتين‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ فقال‏:‏

حذاني بعد ما خدمت نعالي *** دبية أنه نعم الخليل

مقابلتين من صلوى مشب *** من الثيران وصلها جميل

فنعم معرس الأضياف تزجى *** رحالهم شامية بليل

يقاتل جمعهم بمكللات *** من البرني يرعيها الجميل

فلم تزل العُزّى كذلك حتى بعث اللَّهُ نَبِيّه صلى الله عليه وسلّم فعابَها وغيرها من الأصنام، ونهاهم عن عبادَتِهم، ونزل القرآن فيها، فاشتد ذلك على قُريش‏.‏ ومَرِض أبو أُحَيْحة سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مَرَضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لَهب يعودُه، فوجده يبكي، فقال له‏:‏ ما يبكيك يا أبا أُحيحة، أمِن الموتِ تَبكي ولا بد منه‏؟‏ فقال‏:‏ لا، ولكني أخاف ألا تعبدوا العُزَّى بعدي‏.‏ فقال له أبو لهب‏:‏ ما عُبِدت في حياتِك لأَجْلِك، ولا تُتْرك عبادتُها بعدك لموتِك، فقال أبو أُحَيْحة‏:‏ الآن عَلِمت أنَّ لي خليفةً، وأعجبه شدة نصبه في عبادتها‏.‏

قال أبو المُنْذر‏:‏ وكان سعيد بن العاصي أَبو أُحَيحة يَعْتَمُّ بمكةَ، فإِذا اعتمَّ لم يعتمَّ أحدٌ بلون عِمامته‏.‏ قال أبو المُنْذر‏:‏ حدثني أَبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال‏:‏ كانت العُزَّى شيطانةً تأتي ثلاثَ سَمُرات ببطن نخلة، فلما افتتح النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَكّةَ بعث خالدَ بنَ الوليد، فقال له‏:‏ إئت بطنَ نَخْلة، فإِنك تَجِدُ ثلاثَ سَمُرات، فأَعْضِد الأُولى، فأتاها فَعَضَدَها، فلما عاد إليه قال‏:‏ هل رأيت شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فأعضِد الثانية، فأتاها فعضَدها، فلما عاد إليه، قال‏:‏ هل رأيت شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فأعْضِد الثالثة، فأتاها، فإِذا هو بخناسةٍ نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتِقِا، تصرف بأنيابها، وخلفها دبية بن حزمى السلمي، ثُم الشَّيباني، وكان سادِنَها، فلما نظر إلى خالد قال‏:‏

فيا عز شدى شدة لا تكذبي *** على خالد ألقى الخمار، وشمري

فإِنك إلا تقتلي اليوم خالداً *** تبوئي بذل عاجل وتنصري

فقال خالد‏:‏

يا عز كفرانك لا سبحانك، *** إني رأيتُ اللَّهَ قد أهانك

ثُمّ ضربها فقلق رأسها، فإِذا هي حممة، ثُم عَضَد الشجر، وقتل دبية السّادِن، وفيه يقول أبو خراش الهُذلي، يرثيه‏:‏

ما لدبية منذ اليوم لم أره *** وسط الشروب ولم يلمم ولم يطف

لو كان حياً لغاداهم بمترعة *** من الرواويق من شيزى بنى الهطف

ضخم الرماد عظيم القدر جفنته *** حين الشتاء لحوض المنهل اللقف

قال هشام‏:‏ يطف من الطوَفان، أو من طاف يطيف، والهطف‏:‏ بطن من عمرو بن أسد‏.‏ واللقف‏:‏ الحوض المنكسر الذي يغلب أصله الماء، فيتثلم يقال‏:‏ قد لقف الحوض، ثُم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فأخبره قال‏:‏ تلك العُزّى، ولا عُزّى بعدها للعَرَب، أما إنها لن تعبد بعد اليوم، قال‏:‏ ولم تكن قريش بمكّة، ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئاً من الأصنام إعظامَهُم العُزّى، ثُم اللاّت، ثُم مناة‏.‏ فأما العُزّى فكانت قريشٌ تَخُصّها دون غيرِها بالهدية والزيارة، وذلك فيما أظن لِقُرْبها كان منها‏.‏ وكانت ثِقِيف تَخُصّ اللاّت كخاصّة قريش العُزّى، وكانت الأوس والخزرج تَخُصّ مناة، كخاصة هؤلاء الآخرين، وكلهم كان مُعظِّماً لها، ولم يكونوا يرون في الخمسةِ الأَصنام التي دفعها عَمْرو بن لحي، وهي التي ذَكَرها الله تعالى في القرآن المجيد، حيث قال‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً‏}‏وَلاَ سُوَاعاًوَلاَ يَغُوثَويعوق وَنَسْراً كرأيهم في هذه، ولا قريباً من ذلك، فظننت أنَّ ذلك كان لِبُعْدها منهم، وكانت قريش تُعظِّمها، وكانت غنى وباهلة يعبدونها معهم، فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد فقطع الشجرة، وهدم البيت، وكسر الوثن، انتهى «معجم البلدان»‏.‏

ولذا استتبعت السورة ذكرها، وإلاّ فلا مناسبة لِذِكْر هؤلاء ههنا‏.‏

4860- قوله‏:‏ ‏(‏مَنْ حَلَف فقال في حَلِفِه‏:‏ واللاّت والعُزَّى‏)‏ أي مَنْ كان حديثَ عهد بالإِسلام مثلاً، فسبق إلى لسانِه هذا الحَلِف، فليكافئه بكلمةِ التوحيد‏.‏

4860- قوله‏:‏ ‏(‏ومَنْ قال لصاحِبِه‏:‏ تعال أُقامِرْك فليتصدَّق‏)‏ قال الطحاوي في «مُشْكِله»‏:‏ إنَّ المراد من التصدُّق تصدُّقُ هذا المال الذي أخرجه للقِمار، فأوْلى له أن يصرِفه في الصَّدقة مكانَ القِمار، وكنا نفهم قبله أنَّ المرادَ به التصدّقُ بمال، كالتصدق بالدينار عند إتيان الحائض، تلافياً لما صدر منه الإثم من قول‏:‏ «تعال أُقامِرْك»‏.‏

سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ

قالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مُّسْتَمِرٌّ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ ذَاهِبٌ‏.‏ ‏{‏مُزْدَجَرٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ مُتَنَاهٍ‏.‏ ‏{‏وَازْدُجِرَ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ فَاسْتُطِيرَ جُنُوناً‏.‏ ‏{‏وَدُسُرٍ‏}‏ ‏(‏13‏)‏ أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ‏.‏ ‏{‏لّمَن كَانَ كُفِرَ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ يَقُولُ‏:‏ كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ‏.‏ ‏{‏مُّحْتَضَرٌ‏}‏ ‏(‏28‏)‏ يَحْضُرُونَ المَاءَ‏.‏ وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ‏:‏ ‏{‏مُهْطِعِينَ‏}‏ ‏(‏8‏)‏ النَّسَلاَنُ‏:‏ الخَبَبُ السِّرَاعُ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏فَتَعَاطَى‏}‏ ‏(‏29‏)‏ فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا‏.‏ ‏{‏الْمُحْتَظِرِ‏}‏ ‏(‏31‏)‏ كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ‏.‏ ‏{‏وَازْدُجِرَ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ افتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ‏.‏ ‏{‏كَفَرَ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ فَعَلنَا بِهِ وَبِهِمْ ما فَعَلنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ‏.‏ ‏{‏مُسْتَقَرٌّ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ عَذَابٌ حَقٌّ‏.‏ يُقَالُ‏:‏ الأَشَرُ المَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَازْدُجِرَ‏}‏ فاستطير‏)‏ وأما قوله‏:‏ «جُنُوباً»‏.‏ فهو على حِدَة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أضْلاع السفينة‏)‏ خشباتها كشتى كى تختى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كحِظارٍ من الشجرة مُحترقٍ‏)‏ جيسى باردر ختون كى جل كئى هو‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَانشَقَّ الْقَمَرُ‏}‏وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ ‏(‏1- 2‏)‏

وقد ثبت اليوم الخرق والالتئام، والانشقاق، وانفطار كلها في الأجرام السماوية‏.‏ وفي «تاريخ فرشته» أنه رأى الانشقاقَ مَلِكٌ بالهند أيضاً‏.‏ يُسمّى‏:‏ راجه‏.‏ وج صلى الله عليه وسلّم ل وعلى اسمه سميت بلدة بهو صلى الله عليه وسلّم ل‏.‏

قلتُ‏:‏ وقد نعلم أنَّ الشمس تَنْكَسِف في كلّ سنة، أو سنتين إلى ساعة، أو ساعتين، أو أزيد‏.‏ وربما لا يكون به شعورٌ للناس‏.‏ حتى إنها تنجلي أيضاً، مع كونه معاملةً في النهار‏.‏ فلو فرضنا أن الانشقاقَ لم تُنْقل رؤيتُه عن أحد، فماذا الإِشكال فإِنه معاملة في الليل‏.‏ ثُم ليست طويلة، بل الانشقاق والالتئام حصل في لَمحةٍ يسيرةٍ، فانتبه له مَنْ استشهدوا به، ولم يره مَنْ كانوا في الأطراف، ولا استحالة فيه‏.‏

ثُم اعلم أنه وَقَع في بعض الروايات‏:‏ انشقّ القَمَرُ مَرّتين، مكان قوله‏:‏ «فِرْقَتَين»، مع أن القمر لم ينشقَّ إلاَّ مرة، فحمله الشارحون على معنى فِرْقَتين‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَآء لّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَدْ تَّرَكْنَهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ‏}‏ ‏(‏14- 15‏)‏

قالَ قَتَادَةُ‏:‏ أَبْقى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هذهِ الأُمَّةِ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ‏}‏

قالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ يَسَّرْنَا‏:‏ هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ‏}‏فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ‏}‏

باب‏:‏ ‏{‏فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ‏}‏وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ‏}‏ ‏(‏31- 32‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ‏}‏ ‏(‏38- 39‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ‏}‏ ‏(‏51‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}‏ ‏(‏45‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ‏}‏ ‏(‏46‏)‏

يَعْنِي مِنَ المَرَارَةِ‏.‏

واعلم أنَّ بعضاً مِن هذه الأمة قد شاهدوا أضلاعَ سفينةِ نوح عليه السلام على الجُوديّ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يَثِبُ في الدِّرْع‏)‏ أي فَرِح حتى تغيَّرَت مِشْيتُه شيئاً عما كانت عليه‏.‏

سُورَةُ الرَّحْمنِ

وَقالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ‏}‏ ‏(‏17‏)‏ لِلشَّمْسِ‏:‏ في الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ، وَمَشْرِقٌ في الصَّيفِ، ‏{‏وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ‏}‏ ‏(‏17‏)‏ مَغْرِبُهَا في الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ‏.‏ ‏{‏لاَّ يَبْغِيَانِ‏}‏ لاَ يَخْتَلِطَانِ‏.‏ ‏{‏المُنْشَآتُ‏}‏ ‏(‏24‏)‏ ما رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فَأَمَّا ما لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ فَلَيسَ بِمُنْشَأَةٍ‏.‏

وقَالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏كَالْفَخَّارِ‏}‏ كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ ‏{‏الشُّوَاظ‏}‏ لَهَبٌ من نار‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏وَنُحَاسٌ‏}‏ ‏(‏35‏)‏ الصُّفرُ يُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يُعَذَّبُونَ بِهِ‏.‏ ‏{‏خَافَ مَقَامَ رَبّهِ‏}‏‏:‏ يَهُمُّ بِالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا‏.‏ ‏{‏مُدْهَآمَّتَانِ‏}‏ سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ‏.‏ ‏{‏صَلْصَلٍ‏}‏ طِينٍ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلصَلَ كَمَا يُصَلصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ‏:‏ مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ‏:‏ صَلَّ، يُقَالُ‏:‏ صَلصَالٌ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ صَرَّ البَابُ عِنْدَ الإِغْلاَقِ وَصَرْصَرَ، مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ، ‏{‏فَكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ‏}‏ قالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لَيسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالفَاكِهَةِ، وَأَمَّا العَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهَا فاكِهَةً، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏حَفِظُواْ عَلَى الصَّلَوتِ والصَّلَوةِ الْوُسْطَى‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 238‏)‏، فَأَمَرَهُمْ بِالمُحافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَعادَ العَصْرَ تَشْدِيداً لَهَا، كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ، وَمِثْلُهَا‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَوتِ وَمَن فِى الاْرْضِ‏}‏ ‏(‏الحج‏:‏ 18‏)‏‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ‏}‏ ‏(‏62‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏حُورٌ مَّقْصُورتٌ فِى الْخِيَامِ‏}‏ ‏(‏72‏)‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ حُورٌ‏:‏ سُودُ الحَدَقِ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ مَقْصُورَاتٌ‏:‏ مَحْبُوسَاتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏ ‏{‏قَصِرتُ‏}‏ ‏(‏56‏)‏ لاَ يَبْغِينَ غَيرَ أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعَصْفُ‏:‏ بَقْل الزَّرْع‏)‏ كهاس كهيتى كى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو مالك‏:‏ العَصْف‏:‏ أَوَّل ما يَنْبُتُ‏)‏ يعنى كهيتى كاانكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تُسَمِّيهِ النَّبَط‏:‏ هَبُوراً‏)‏ أي يقال له‏:‏ هَبُور بالحبشة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يَعْلُو النَّار‏)‏ أي الجَمْرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الصُّفْر‏)‏ بيتل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سَوْدَاوان مِن الرِّيِّ‏)‏ سبزهين سياهى نمامارى شادابى كى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كما يقال‏:‏ صَرَّ البابُ عند الإِغلاقِ وصَرْصَر‏)‏ أي مضاعف ثلاثي، اتخذ من مضاعف رباعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال بَعْضُهم‏:‏ ليس الرُّمَّانُ، والنَّخْل بالفاكِهَةِ‏)‏ أراد البخاريُّ أنَّ ذِكْرَ الرُّمَّان بعد الفاكهة تَخْصِيصٌ بعد تعميم‏.‏ فإِنْ قال أَحَدُ‏:‏ إنَّ العَطْف يدلّ على التَّغاير، فأجاب عنه أنه على حَدّ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حَفِظُواْ عَلَى الصَّلَوتِ والصَّلَوةِ الْوُسْطَى‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 238‏)‏ فكما أن العَطْف لم يُوجِب تغايُر بينهما‏.‏ كذلك فيما نحن فيه أيضاً‏.‏ ولعلَّ أبا حنيفةَ اختار في تفسير الفاكهة عُرْفَ أهلِ الكوفة، ولعلها عندهم ما يكون للتَّفكُّه، دون التَّغذّي، والشافعيُّ اعتبر اللغةَ‏.‏ فهذا الخِلافُ يَرجع إلى النَّظر لا غير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ‏}‏ يَغْفِرُ ذَنْباً، ويَكْشِفُ كَرْباً‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وهو أَثَرٌ، وثبت مرفوعاً أيضاً لكنه ضعيفٌ، وفيه‏:‏ أن شؤونه عبارةٌ عن أفعاله وتصرُّفاته في هذا العالم، فلا يكون قائماً بالباري عَزّ اسمُه، بل تكون منفصلةً عنه، وإنْ كان المرادُ منها نحوَ النزول، والضحك، وأمثالهما‏.‏ لكان فيه إِشعارٌ بقيام الحوادث بِذَاته تعالى، فإِنَّ النزول، والضحك، وغيرَها حادِثٌ لا محالة، كما يقوله ابن تيميةَ‏.‏ وعندي هذا التعبير- وإن أَوّلنا كلامَه بمصداقه فمع هذا- ممّا لا يليقُ بِجَنَابه تعالى، ولعل مرتبة الشؤون بعد الذّاتِ والصِّفات، وعند الشيخ المجدد السَّرهندي بين الذّات والصِّفات‏.‏ وسيجيء فيها الكلام في أواخر البخاري‏.‏

حكاية‏:‏

حُكي أن رَجُلاً كان أوتي جَدَلاً، فكان يُفْحِم العلماءَ، فجلس مَرّةً في مجلس كان فيه أبو حنيفة أيضاً، وهو صغيرُ السن، فسأل العلماء‏:‏ أنّ رَبّكم ماذا يفعل الآن‏؟‏ فما دَرُوا بما يجيبون له، فقام إمامنا، وقال‏:‏ أنا أُجيب، ولكن انزل عن المنبر، فإِنك سائل وأنا مجيب، فصعد المِنْبر وقال‏:‏ إنه فعل الآن ما رأيت، فأُنزلك عن المِنْبر، وأقعدني مقعدَك، فَبُهِت الرَّجُل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏سَنَفْرُغُ لَكُمْ‏}‏‏)‏ قد مَرّ وَجْهُه بِوَجْهٍ أَدقّ وأَلْطَف، والمصنف حمله على الكناية‏.‏

4878- قوله‏:‏ ‏(‏إلاّ رداءُ الكِبْر على وَجْهه‏)‏ لا يريدُ بذلك رَفْعَ الحُجُب كُلِّها غير الرداء، لما عند مسلم‏:‏ «أن الله سبحانه لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»، بل معناه أن رداءه هو الكِبْرياء، وهي الآن كما كان‏.‏

سُورَةُ الوَاقِعَةِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏رُجَّتِ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ زُلزِلَتْ‏.‏ ‏{‏وَبُسَّتِ‏}‏ ‏(‏5‏)‏ فُتَّتْ ولُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ‏.‏ المَخْضُودُ‏:‏ المُوقَرُ حَمْلاً، وَيُقَالُ أَيضاً‏:‏ لاَ شَوْكَ لَهُ‏.‏ ‏{‏مَّنْضُودٍ‏}‏ ‏(‏29‏)‏ المَوْزُ‏.‏ وَالعُرُبُ‏:‏ المحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏ ‏{‏ثُلَّةٌ‏}‏ ‏(‏39- 40‏)‏ أُمَّةٌ‏.‏ ‏{‏يَحْمُومٍ‏}‏ ‏(‏43‏)‏ دُخانٌ أَسْوَدُ‏.‏ ‏{‏يُصِرُّونَ‏}‏ ‏(‏46‏)‏ يُدِيمُونَ‏.‏ ‏{‏الْهِيمِ‏}‏ ‏(‏55‏)‏ الإِبِلُ الظِّمَاءُ‏.‏ ‏{‏لَمُغْرَمُونَ‏}‏ ‏(‏66‏)‏ لَمُلزَمُونَ‏.‏ ‏{‏فَرَوْحٌ‏}‏ ‏(‏89‏)‏ جَنَّةٌ وَرَخاءٌ‏.‏ ‏{‏وَرَيْحَانٌ‏}‏ ‏(‏89‏)‏ الرِّزْقُ‏.‏ ‏{‏وَنُنْشِئَكُمْ‏}‏ ‏(‏61‏)‏‏:‏ في أَيِّ خَلقٍ نَشَاءُ‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏تَفَكَّهُونَ‏}‏ ‏(‏65‏)‏ تَعْجَبُونَ‏.‏ ‏{‏عُرُباً‏}‏ ‏(‏37‏)‏ مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَظِلّ مَّمْدُودٍ‏}‏ ‏(‏30‏)‏

سُورَةُ الحَدِيدِ

قالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ‏}‏ ‏(‏7‏)‏ مَعَمَّرِينَ فِيهِ‏.‏ ‏{‏مّنَ الظُّلُمَتِ إِلَى النُّورِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ مِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الهُدَى‏.‏ ‏{‏وَمَنَفِعُ لِلنَّاسِ‏}‏ ‏(‏25‏)‏ جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ‏.‏ ‏{‏مَوْلَكُمْ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ أَوْلَى بِكُمْ‏.‏ ‏{‏لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَبِ‏}‏ ‏(‏29‏)‏‏:‏ لِيَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ، يُقَالُ‏:‏ الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ عِلماً، وَالبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ عِلماً‏.‏ ‏{‏أَنْظِرونَا‏}‏ ‏(‏13‏)‏ انْتَظِرُونَا‏.‏

سُورَةُ المُجادِلَةِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏يُحَآدُّونَ‏}‏ ‏(‏20‏)‏ يُشَاقُّونَ اللَّهَ‏.‏ ‏{‏كُبِتُواْ‏}‏ ‏(‏5‏)‏ أُخْزِيُوا، مِنَ الخِزْيِ‏.‏ ‏{‏اسْتَحْوَذَ‏}‏ ‏(‏19‏)‏ غَلَبَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏المَوْز‏)‏ كيلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏عُرُباً‏}‏ مُثَقَّلة‏)‏ يعني بضم الراء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏خَافِضَةٌ‏}‏ لقومٍ إلى النَّار‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏ورافعة‏}‏ إلى الجنةِ‏)‏ وهي عندي على ظاهِرِها، فإِنَّ جَهنَّم في الأَسْفل، والجنّةَ في الأعلى كما مر مِن قَبْل، ولا أريدُ به العِزّ والذّل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا آذان له‏)‏ أي لا خرطوم له‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي مُسَلَّم لك‏)‏ ونائبٌ فاعِلُه قوله‏:‏ «إنَّك مِن أَصحابِ اليمين»‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنْ رَفَعْ السَّلام‏)‏ أي سلامٌ لك، فهو دعاءٌ في الوَجْهين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَظِلّ مَّمْدُودٍ‏}‏‏)‏ وهي طُوبى في فِناء الجَنَّة يخرجُ إليها أَهْلُ الجَنَّة للتنزُّه‏.‏ وقيل‏:‏ إنها شجرةٌ في منزلةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثُم انشعبت أفنانُها في سائر منازلِ أهل الجنة، فإِن كان هذا صواباً، فهي عندي الوسيلةُ لا غير‏.‏

سُورَةُ الحَشْرِ

‏{‏الْجَلاَء‏}‏ ‏(‏3‏)‏‏:‏ الإِخْرَاجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مَا قَطَعْتُمْ مّن لّينَةٍ‏}‏ ‏(‏5‏)‏

نَخْلَةٍ‏:‏ ما لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏مَّآ أَفَآء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‏}‏ ‏(‏6- 7‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمَآ ءاتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ‏}‏ ‏(‏7‏)‏

وهو عند النُّحاة من قَبِيل‏:‏ عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً، وعند علماء المعاني مَحمولٌ على الاستعارةِ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَنَ‏}‏ ‏(‏9‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ الآيَة

الخَصَاصَةُ‏:‏ الفَاقَةُ‏.‏ ‏{‏الْمُفْلِحُونَ‏}‏‏:‏ الفَائِزُونَ بِالخُلُودِ، الفَلاَحُ‏:‏ البَقَاءُ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ‏:‏ عَجِّل‏.‏ وَقالَ الحَسَنُ‏:‏ ‏{‏حَاجَةً‏}‏ ‏(‏9‏)‏ حَسَداً‏.‏

سُورَةُ المُمْتَحنَةِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً‏}‏ ‏(‏5‏)‏ لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيدِيهِمْ، فَيَقُولُونَ‏:‏ لَوْ كانَ هؤُلاَءِ عَلَى الْحَقِّ ما أَصَابَهُمْ هذا‏.‏ ‏{‏بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ‏}‏ ‏(‏10‏)‏ أُمِرَ أَصْحَابُ النبي صلى الله عليه وسلّم بِفِرَاق نِسَائِهِمْ، كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآء‏}‏ ‏(‏1‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏إِذَا جَآءكُمُ الْمُؤْمِنَتُ مُهَجِرتٍ‏}‏ ‏(‏10‏)‏

تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقالَ إِسْحاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعُمْرَةَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِذَا جَآءكَ الْمُؤْمِنَتُ يُبَايِعْنَكَ‏}‏ ‏(‏12‏)‏

4895- قوله‏:‏ ‏(‏فَنَزل نبيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ‏؟‏ واستنبط منه الحاكِمُ أنه كان بمكانٍ عالٍ، ومَوْضع مُرْتفعٍ، ولم يكن المنبر بُني بعدُ‏.‏

سُورَةُ الصَّفِّ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَنْ أَنْصَارِى إِلَى اللَّهِ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللَّهِ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏مَّرْصُوصٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ مُلصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ بِالرَّصَاصِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ‏}‏ ‏(‏6‏)‏

سُورَةُ الجُمُعَةِ

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَءاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ‏}‏ ‏(‏3‏)‏

وَقَرَأَ عُمَرُ‏:‏ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَرَةً‏}‏ ‏(‏11‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ‏}‏‏)‏ وقد مَرّ من قبل ما يتعلق باسمه «أحمد»، وأنه لمَ بَشَّر بذلك الاسم، مع أن اسمه المشهور محمد صلى الله عليه وسلّم واسمُه في التوراة «ماد ماد»، والمراد منه محمد صلى الله عليه وسلّم وقرأ بعضهم «موذموذ» وهو غَلَطٌ عندي، وأصلخِ عندي «مئدمئد»، وحينئذٍ يمكن أن يكونَ موسى بَشَّر به باسمِه محمد، وعيسى عليه الصلاة والسلام باسمه أحمدَ صلى الله عليه وسلّم

4896- قوله‏:‏ ‏(‏وأنا العاقِب‏)‏ واعلم أن السَّيد في لغةِ العرب لمن يكون أَمَام الجيش، ومَنْ يكون خَلْفَه يسمونه عاقِباً وحاشراً، وعلى هذه المحاورة جاء اسمُه العاقب، أي لكونِه آخِراً من سلسلة الأنبياء عليهم السلام، وسها مَنْ لم يُرَاع هذه المحاورة عند شَرْح اسمه صلى الله عليه وسلّم

4896- قوله‏:‏ ‏(‏يُحْشَر الناسُ عَلَى قَدَمي‏)‏ واعلم أن كَوْنَه صلى الله عليه وسلّم حاشِراً وعاقباً، وإنما هو باعتبارِ المعنى، وأما باعتبار الحِسِّ فيكون أمامَهم لكونِه أَوَّلَهم بَعْثاً من القبر، فكيف يمكن أن يكون حاشِراً حِسّاً أيضاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَءاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ‏}‏‏)‏ أورد وسرى جوابهى نهين ملحق هوئى ارو آكى هونى والى هين لأن «لما» للتوقع عندهم‏.‏ وحاصِلُ الحديث أنَّ الدِّين لا يَنْحصر في العرب، بل يكون في العجم أيضاً‏.‏

4898- قوله‏:‏ ‏(‏لَنَالَهُ رِجالٌ- أو رجل- من هؤلاء‏)‏ والظاهِر أنَّ المرادَ منه هم العلماءُ الكِبار الذين أقامهم اللَّهُ تعالى لِنُصرةِ دِينه من العجم‏.‏ وقال السيوطي‏:‏ إنَّ فيه مَنْقبةً عظيمةً للإِمام أبي حنيفة‏.‏ قلتُ‏:‏ ولكنَّ لفظ الجمع يأباه، ومَحْمل هذه الأحاديث هم حَمَلةُ الشريعة في العجم، ولا ريب أن هؤلاء كَثُروا في العجم، حتى إن أصحاب «الصِّحاح» كلهم من العجم‏.‏

سُورَةُ المُنَافِقِين

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِذَا جَآءكَ الْمُنَفِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ‏}‏ إِلَى‏:‏ ‏{‏لَكاذِبُونَ‏}‏ ‏(‏1‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏اتَّخَذْواْ أَيْمَنَهُمْ جُنَّةً‏}‏ ‏(‏2‏)‏ يَجْتنُّونَ بِهَا

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ءامَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ‏}‏ ‏(‏3‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَمُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ‏}‏ ‏(‏4‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ‏}‏ ‏(‏5‏)‏

حَرَّكُوا، اسْتَهْزَؤُوا بِالنبي صلى الله عليه وسلّم وُيَقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ‏:‏ لَوْيَتُ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏سَوَآء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ‏}‏ ‏(‏6‏)‏

قالَ سُفيَانُ‏:‏ فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو‏:‏ قالَ عَمْرٌو‏:‏ سَمِعْتُ جابِراً‏:‏ كُنَّا مَعَ النبي صلى الله عليه وسلّم

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ‏}‏ وَيَتفَرَّقُوا ‏{‏وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السَّمَوتِ وَالاْرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَفِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ‏}‏ ‏(‏7‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاْذَلَّ‏}‏وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ‏(‏8‏)‏

سُورَةُ التَّغَابُنِ

وَقالَ عَلقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ‏}‏ ‏(‏11‏)‏ هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ‏.‏ وقَالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والله يشهد إن المنافقين لكاذبون‏)‏ قال صاحب «التلخيص»‏:‏ معناه لكاذبون في الشهادة، أو التسمية، أو المشهود به في زَعْمهم‏.‏ قلتُ‏:‏ هذا باطِلٌ يرده الحديث، وهكذا المرءُ إذا أتى في غير فَنِّه يأتي بالعجائب‏.‏ فالصوابُ في الجواب ما يُستفاد مما أخرجه المصنِّف عن زيد بن أرقم، قال‏:‏ كُنْت في غزاة، فسمعت عبدَ الله بنَ أُبَي يقول‏:‏ لا تُنْفِقوا على مَنْ عندَ رسول الله حتى يَنْفَضُّوا من حوله، ولو رجعنا مِن عنده لَيُخْرِجَنّ الأعزُّ منها الأَذَلَّ، فذكرت ذلك لعمِّي، أو لِعُمَرَ، فذكره للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فدعاني، فحدثته، فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم إلى عبدِ الله بن أُبَي، وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وصَدَّقه‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وفي تلك القصة نزلت الآيةُ، وأُخْبر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنّهم لكاذِبون، أي فيما حلفوا لك أنهم ما قالوا، فاللَّهُ سبحانه كَذَّبهم في حَلِفِهم، لا فيما ذكره صاحِبُ «التَّلْخيص»‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏لَوَّوا رءوسهم‏}‏‏)‏ فالتويةُ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كُفْر، بخلافِ غيره، فدلَّ على أن فِعْلاً واحداً يمكن أن يكونَ كفراً، وغير كُفْر بالنسبةِ إلى الشخصين‏.‏

4906- قوله‏:‏ ‏(‏فكَتَب إلى زيدٍ بنِ أَرْقَم‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ أي يُعزِّيني، ثُم قال أَنس ما حاصله‏:‏ إنَّ زيداً ممن صَدَّقه اللَّهُ تعالى فيما قال لابنِ أُبَي‏.‏

فائدة‏:‏

وعن سعيد بن المسيّب عند الدارمي في «مسنده»‏:‏ أنَّ يزيدَ لما أحل حرم الله المدينة، وجعل يسفك فيها دماء المسلمين، ألقيت نفسي في المسجد النبوي، كأني مجنون، وما بي من جنون، ولكن أردت منه الاتقاء عن شر يزيد، فكنت أسمع يومئذٍ صوت الأذان من الروضة المطهرة، وعد ذلك من مناقب سعيد؛ قلتُ‏:‏ وقد مرّ معنا ما في القبور من الأحوال، فتذكره‏.‏

4905- قوله‏:‏ ‏(‏دَعْه، لا يتحدَّثُ النّاسُ أنَّ محمداً يَقْتلُ أصحابَه‏)‏ هذا هو السرُّ في عدمِ قَتْل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المنافقين، مع علمه بأعيانِهم، كما نَبّهناك فيما مرّ‏.‏ وليس الأَمر أنَّ المنافقين كانوا مختلِطين بين أصحابه صلى الله عليه وسلّم بحيث يرتفع التمييزُ أَصْلاً، ولكنه كان يُسامِحُهُم لِمِثْل هذه المصلحة، فاندفع ما أورد عليه، فافهم‏.‏

سُورَةُ الطَّلاَقِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏وَبَالَ أَمْرِهَا‏}‏ ‏(‏9‏)‏ جَزَاءَ أَمْرِهَا‏.‏ ‏{‏إِنِ ارْتَبْتُمْ‏}‏ ‏(‏4‏)‏‏:‏ إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا أَتحيضُ أَمْ لا تَحيضُ‏.‏ فَاللائي قَعَدْنَ عَنِ الْمَحيضِ وَاللائي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ‏.‏